عمار موسى
(المنسق العام)،
قبل سنوات قليلة تكاد تُعد على أصابع اليدين كان من النادر أن نسمع عن حالة انتحار في عالمنا العربي، وإن حصلت كانت محصورة عادة في فئات محددة لا تكاد تخرج عنها كسياسيين انتحروا في ظروف غامضة أو خونة كانوا أجبن من أن يتحملوا عار فعلتهم ويواجهوا عواقبها بعد اكتشافهم، وأحياناً حالات متطرفة من العشق والغرام والأسى على فراق الحبيب. فإلى عهد قريب كان الانتحار يُعدُّ حدثاً نادراً في مجتمعاتنا العربية لأنه لم يكن يوماً في ثقافتنا خيارٌ اسمه الانتحار، حتى أنه من الشائع بيننا أن نستخدم التهديد بالانتحار للهزل والمزاح والسخرية كمن يتحدث عن المستحيل أو عن الصعود إلى القمر مشياً في الهواء.
ولكن فجأة وخلال بضع سنوات فقط أصبح لا يكاد يمر يومٌ دون أن نسمع عن حالة انتحار أو أكثر في إحدى الدول العربية حتى اعتدنا على قراءة مثل هذه الأخبار والمرور عليها مرَّ الكرام. رجالٌ ونساء، شباب وفتياتٌ في مقتبل العمر وريعان الشباب، بل وأحياناً صرنا نسمع عن أطفالٍ يقدمون على الانتحار!
فما الذي حدث؟ وكيف انتشرت هذه الجائحة فجأة؟ وكيف السبيل إلى علاجها وإيقافها؟
إن الحقيقة التي يجب أن نعترف بها أن الأمر مُعقدٌ وتتضافر فيه عدة عوامل وسنتحدث بإذن الله عن ذلك عما قريب، ولكن الخطوة الأولى دائماً في مواجهة أي مشكلة هي أن ندرك وجودها أولاً ونعترف بذلك، ولذلك قررنا أن نطلق جرس الإنذار ونبدأ بالصراخ بأعلى الصوت لينتبه الجميع أن الحياة نعمة من الخالق وأن ثمة مشكلة وقصور في فهم هذه الحقيقة يتفشى ويزداد يوماً بعد يوم وتزداد معه أعداد المنتحرين يوماً تلو آخر. فماذا ننتظر؟ هل ننتظر أن يطرق الحزن والفقد والحسرة على من نحب أبوابنا قبل أن نستفيق ونستوعب حقيقة أن ثمة شيطان يجول بيننا ويلعب بالرؤوس يمنة ويسرة قبل أن يهوي بها من سطح بناء، أو حبل معلق، أو يُطيح بها بحبة سُمٍ فتاك أو غيرها من وسائل الانتحار.
إن هذه صرختنا الأولى وندعوكم جميعاً للانضمام إلينا لمواجهة هذه الآفة قبل أن يفوت الأوان، فالحقيقة شئنا أم أبينا أننا جميعاً قد صرنا معرضين لأن نفقد ابناً أو ابنةً أو أخاً أو أختاً أو صديقاً أو حبيباً يُحكم الشيطان لف حبائله على روحه ويهوي به في الجحيم في غفلة منا، فيقتُله اليأس والقنوط قبل أن يقتل نفسه بنفسه.
شاركوا معنا... وأدعو أصدقاءكم وأحباءكم أيضاً... دعونا نبدأ بالصراخ عالياً أن الحياة نعمة وأن الانتحار ليس فقط هو أسوأ اختيار، بل انه لا يصح أصلاً أن يكون في قائمة الاختيار.
مشاركة على